متى نُطلِق هذه العبارة وعلى من نطلقها ( أنتَ مثل أخي ) .
كثير من الأشخاص نصادفهم في مشوار الحياة ، قد نشعر تجاههم بشعورٍ بسيط ، ليس هو بالحب ولا الإعجاب ، مجرد شعور فنقول أنتَ مثل أخي .
تقول جداتنا قديماً : عندما يتألم المرء يقول أخ !!!
فمن هو الأخ ؟؟؟
هل الأخ هو من تربطنا به الرابطة الأسرية ، هو من تربينا معه في بيتٍ واحد وفي ظلِّ أبوين مشتركين ، تلقنا الدروس ذاتها ، والأعراف والتقاليد ذاتها ، وشربنا من النهر ذاته .
تعلمنا القيم الأخلاقية والأسس الدينية ذاتها ، وبعدها كل منا اختار طريقه ، فشرقتنا الحياة وغربتنا .
أم هو كما يقول الفلاسفة ودعاة السلام أخي بالإنسانية ، لا فرق بيننا ولا تفريق ، وانما أخوة أبانا واحد وأمنا هي الأرض .
من هو الأخ ؟؟؟
فبعدما تلاشت العلاقة الأخوية في زحمة الحياة ، أمسينا نبحث عن أخوة يشبهون أخوتنا وقد لا يشبهونهم ، المهم هو ملء الفراغ العاطفي الذي تركه أخوتنا عند غيابهم .
وما يصادفنا في حياتنا من اشكاليات :أننا عندما نطلب رقماً هاتفياً ويكون الرقم خطأ نسمع الطرف الآخر يقول غلط يا أخي .
وعندما نذهب إلى محلٍ تجاري نسمع صاحب المكان يقول تفضل يا أخي .
وإذا تعثرنا في الطريق فهناك من يقول أجاركَ الله يا أخي .
وإن أردنا كتابة رسالة لشخصٍ مجهول روحاً معلوم اسماً نقول أخي العزيز .
فمن أين ومتى أصبحنا أخوة وأنتَ لا تعرفني وأنا لا أعرفك !!!
أم هي مجرد كلمةٍ سحرية قد تُفتِّق في ذاكرتنا عند سماعها شوقنا إلى الأخوة الذين ربطتنا بهم الدماء ، وحبل السرة .
فهل يرتقي أي شخصٍ في العاطفة إلى مستوى الأخ ؟؟؟
إن كلمة يا أخي كلمة فضفاضة تقبل كل المقاييس وتستوعب مختلف المشاعر الإنسانية .
فأي شخصٍ يمكن أن يكون أخ لأن الأخوة تقبل الاختلاف ، ولكن لا يمكن لأي شخص أن يكون صديق لأن الصداقة لا تقبل الاختلاف ، ففي مضمار الصداقة لا بد أن يقتسم الصديق مع صديقه الهواية ذاتها والهم ذاته ، وينشطر قلب أحدهما ليعانق قلب الآخر .
أخي أحبه ولكن صديقي اشتاق إليه ، أشعر برغبةٍ للحديث معه ، أشعر بروحي تهاجر إليه عند غيابه .
أخي احترمه ولكن صديقي لا حواجز بيننا هو أنا وأنا هو .
أخي لا يمكن أن يرقى إلى مرتبة الصديق أما صديقي يمكن أن يكون أخي ولكن بالتأكيد ليس حبيبي .
المشكلة في مجتمعنا الشرقي أننا نخلط ما بين العواطف والمشاعر ، فكل من يتطلع بنا نخاله عاشقاً وغاب عن ذهننا هواية الرجل الشرقي باقتناص النظر ، وهواية المرأة الشرقية بالغواية .
كل من يحقن وريدنا ببضع كُليمات لطيفة نخاله حبيباً والحب مشوار طويل .. طويل ، يصادفه الكثير من المد والجزر ، يصادفه الكثير من العثرات ، فطريق الحب ليس ممهداً سهلاً إنه محفوف بالأشواك والمخاطر .
وملخص القول أن كلمة أخي كما قلتُ سابقاً كلمة فضفاضة تقبل كل المشاعر والأحاسيس وتستوعب كل الأطراف وتنهل من كل المشارب .
فلذلك علينا أن ندرس عواطفنا ومشاعرنا بكثيرٍ من الدقة كي لا نقع في مطب التسميات .
ولكم محبتي ممزوجة بعطر الأخوة الصادقة .
ريد السباعي 20/3/2008 .