حينما نتكلم عمن نحب تتوه بوصلة اللغة وتخجل الكلمات ، فكيف لي أن أتحدث عن تلكَ الغجرية السّمراء .
في كل مرةٍ أزور فيها تلك الغجرية السمراء أزداد فتنة وأزداد ذهولاً لفرط جمالها .وأخرج منها بقصيدةٍ أخبئها طيات عمري .
حلب تلكَ الغجرية التي يروق لي أن أنعتها دائماً بالحبيبة ، حلب تلك المدينة التي تمنح زائرها حرارة وشوق تدثره لألف عام .
حلب الحبيبة الرائعة أبداً ..
عشرون عاماً وعلاقتي مع حلب تزداد دفئاً وتفور عشقاً .
تلك الساحرة البهية ..
حينما أشعر بأن أوكسجين الحياة بين ذراعي مدينتي قد نفذ أركض باتجاه حلب لأستمد منها مؤونة تكفيني نيفاً من عمر .
أعبُّ من رياضها .. من نهرها .. أحادث حجارتها وأرصفتها العتيقة .
أعبُّ حباً لتزهر دروبي رياحين حياة .
بالأمس كان لي لقاءٌ معها ، مع شوارعها ، مع أهلها ، مع أصدقائي في غياهبها ..
بالأمس كنتُ في حلب بحضرة أبي فراس الحمداني والمتنبي ..
بحضرة الشعر والطرب ..
أسمعوني شدوهم وصفقت لهم حباً بحلب .
حينما ألتقي حلب أتجلبب بالخوف والرهبة ، فكيف لي أن ألتقي بتلكَ الأم السخية التي تفيض حناناً لتغمر أفق الكون .
أتوضأ برذاذ طلَّها فتخرج من أغواري السحيقة أجمل تسبيحة وتهليلة .
وفي محراب جامعتها صليتُ ودعوت ربي ( اللهم احفظ حلب ) .
في حلب..
ضحكنا وحجارتها تشهد ..
سهرنا وقلعتها تشهد ..
بأنها سيدة المدن وأنها أجمل حكاية وشى بها التاريخ ..
سقى الله حلب ، وأهل حلب ، وصحبة حلب .
21 / 10 / 2008