ذات مرة كتبتُ قائلة : ( لكل شيء في الحياة له عمر حتى الصداقة ) .
ظلت هذه العبارة تجول في ذهني وتصول ، أسأل نفسي إلى أي حدٍّ هذه العبارة صحيحة ، دخلت ملفات الذاكرة واستعرضت صداقاتي عبر مشوار حياتي فوجدتُ بالفعل بأن لكل صداقة عمر .
قد أكون أنا السبب في إنهاء عمرهذه الصداقة قد يكون الآخر هو السبب ولكن المهم حينها أن صداقتنا توقفت عند حد وآثرت الموت أو الرحيل .
أصدقاء الطفولة أين هم اليوم ؟؟؟
ذهبوا وسربلتهم قمصان الدروب بعباءة الرحيل ، اليوم أرى أسماء بعضهم يافطات في الشوارع ، أتذكرهم ، أحنُّ لمدرستنا ، لباحتها ، وصفوفها ولكن لا يبقى منهم في النهاية سوى خطوط مرسومة على أعمدة الشوارع .
أصدقاء ما بعد مرحلة الطفولة لم يبقَ منهم سوى أسمائهم ، وبما أنني من هواة الاحتفاظ بكل ورقةٍ سَطَّرتُ على بياضها حرفاً فقد وجدت من فترة ليست بالبعيدة في ذاكرة أوراقي أرقام كثيرة ، فكنت أتلو الرقم وأعود للوراء لأُلصِق كل رقمٍ بصاحبه لا أنكر أن سيل الذكريات تهادى أمام عينيَّ حتى كاد يُغرقني وينتشلني من براثن زمني .
خطر في بالي أن أُعيد تلك الأرقام للحياة ولكن أغلبها تغيّر كما تغيرنا نحن ورسمَّت شيخوخة الشوق خطوطها على وجوهنا .
وآخر مشواري مع الأصدقاء كان صديقات الجامعة ، وأغلبهم حملوا أمتعتهم مع أحلامهم العريضة وقرروا سبر أغوار الغربة ، ليحققوا مقولة ( في الغربة نبني أنفسنا ، نبني المستقبل ) ، وهل بناء المستقبل يعني ترك كل شيء وراء الظهور حتى الأصدقاء ، ربما المستقبل لا مكان فيه لغواية الماضي والأحلام النيئة .
بعدها كان أصدقاء وأصدقاء ، صداقات متعددة ووقتية ، وما زلتُ كل يوم أُمني النفس بالتعرف على أصدقاء جُدد ، نتابع معاً بعض شطرٍ من الأيام ، حتى تؤذن ساعة العمر بالرحيل .
لا أعرف ما الذي دفعني لفتح ملفات الذاكرة ولكن حقاً كل صداقة لها عمرٌ محدد وزمن مقدر ، ينتهي كما كل شيء ينتهي ويمر على أرض الحياة كعابر سبيل .
ريد السباعي 24 / 7 / 2008