sama-reed

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
sama-reed

موقع خاص بقراءات وكتابات الشاعرة السورية ريد السباعي


    يوم في المؤسسة العامة للبريد ...

    ريد السباعي
    ريد السباعي
    Admin


    المساهمات : 69
    تاريخ التسجيل : 24/02/2009

    يوم في المؤسسة العامة للبريد ... Empty يوم في المؤسسة العامة للبريد ...

    مُساهمة  ريد السباعي الجمعة مارس 13, 2009 12:24 am

    منذ مدة طلب مني أحد الأصدقاء رواية لكاتبٍ سوري ، فبعد السؤال والتقصي تمَّ تأمين الكتاب ، والآن لا بد من الذهاب إلى مؤسسة البريد لإرسال الكتاب ، ومن هنا تبدأ الحكاية ...
    وضعت في حقيبتي عدد من الظروف المتعددة الأحجام والأشكال ، وأقلام متعددة الخطوط وذهبت ، وقلبي على يدي من المعاملة والمعاملات في مؤسسة البريد .
    صعدتُ إلى الطابق الثاني حيث مكان إرسال الرسائل والطرود ، وإذ بموظفة جميلة ، وجهها مبتسم ، مؤدبة في الثلاثينات من عمرها ، ربما هي جديدة في المصلحة فلم أرها من قبل ، وخاصةً حينما قابلتني بابتسامة تأكدتُ من أنها جديدة ، بعد السلام والتحية ، قلت لها أريد إرسال هذا الكتاب إلى بلدٍ عربي حبيب ، فأخذته من يدي ووزنته على الميزان ، ومن ثم قالت لي انزلي على الطابق الأرضي ، سيضعونه لكِ في كرتونة ، وعليها لصاقة خضراء وختم ، وبعدها تعودي لعندي أرسله لكِ ، قلتُ لها : لا يريد موافقات ، قال لا داعٍ للموافقات فقط ورقة خضراء وختم ، استبشرتُ خيراً وقلت إن الأوضاع في تقدم ولله الحمد .
    نزلت إلى الطابق الأرضي ، دخلت غرفة الطرود الخارجية ، فإذا بشاب بهي الطلعة في سن زميلته التي في الطابق الثاني ، وعرفت فيما بعد أن اسمه فادي ، أخرجت الكتاب من الحقيبة وقلت له : إريد إرسال هذا الكتاب إلى خارج القطر فماذا أفعل ؟؟
    أخذ الكتاب من يدي وبدأ يتصفحه ، المقدمة ، فالفهرس ، إلى صفحات من الرواية ، ولا أخفيكم القول أني خفتُ من أن تشده الرواية ، فيطلب مني أن انتظره حتى ينتهي من قراءتها ، ولكن لله الحمد لم يستسغ موضوعها وأعادها لي وقال : اذهبي إلى مديرية الإعلام ، ليعطوكِ موافقة ، ولكن قبل ذلك دعي أبو تامر يضب لكِ الكتاب ، وإذ بأبي تامر يفتح الجرار ويُخرج قطعة قماش خام بيضاء شبه متسخة ، أشبه ما تكون بالكفن ، ويُغلف الكتاب ، ومن ثم يبدأ خياطة الكفن .. عذراً بيت الكتاب بخيوط نايلون زرقاء ومسلة .
    بعدها حملت الميت بين يدي وذهبت إلى مديرية الإعلام التي تبعد عن البريد مسافة ربع ساعة مشياً على الأقدام
    دخلت المديرية وإذ هي عبارة عن ثلاث غرف مكتوب على إحداها مراقبة المطبوعات ، فلاقاني رجل مشرق الوجه في الخمسين من العمر أو أقل أو أكثر لا أدري ، فقلت له أريد إرسال هذا الكتاب إلى خارج القطر وأريد الموافقة .
    أخذ الميت من يدي ، عذراً .. الكتاب ، وفتح الكيس الجميل الذي صنعه عمي أبو تامر وقلَّب الكتاب وأرسلني بعدها إلى الأنسة في الغرفة الثانية ، صبية جميلة في العشرينات من عمرها ، استقبلتني بابتسامة أيضاً وهذا ما أكد أنها جديدة في العمل ، رددت على مسمعها ذات الحكاية ( أريد إرسال هذا الكتاب إلى خارج القطر وأريد الموافقة ) ، فقالت : والله !! اعتذر منك المسؤول عن ذلك غير موجود اليوم ، وكانت كالصفعة بالنسبة لي ، ماذا يعني أنه غير موجود !!!!
    فقلت لها : يا أختي الله يسترك ، الكتاب اشتريته من مكتبة في المحافظة ، وهذا يعني أنه غير مهرب ويُباع بشكل عادي ، فالله يرضى عليكِ مشيها ..
    وبصراحة كانت إنسانة مؤدبة ومحترمة فقالت لي : حسناً هاتي هويتك والكتاب ، وأخذت ورقة من التقويم المكتبي وكتبت عليها اسمي واسم الكتاب وجهة الرحلة .
    وبعدها أعادته للكيس الجميل الذي صنعه عمي أبو تامر وأرسلتني إلى الموظف الخمسيني الذي قابلني في المدخل وقالت لي قولي له أن يختمه .
    رجعت لعنده وقلت له : عمو اختمه ، فقال لي معك إبرة لتكملي خياطته ، فقلت له ، يا عمي أين لي بالمسلة ، فذهب وعاد وبيده المسلة وتابع خياطته ، وهو منهمك في الخياطة سألته قائلة : عمي لو وضعتموه في ظرف مرتب أليس أجمل ..
    فلم يرد عليَّ ربما لم يعجبه اعتراضي أو لا جواب لديه ..
    المهم تابع خياطته وختمه بعدة أختام وبعد ذلك وضع توقيعه على أحد الأختام .
    حملت كتابي الميت وعدتُ إلى البريد ، ودخلت على الموظف الثلاثيني ( فادي ) وقلت له مشي الحال ختمناه ، قال اذهبي لعند أبي تامر ، فذهبت لعند عمي أبو تامر وإذا به يُخرج لوحة صفراء أخاطها مع الكيس ونادى بأعلى صوته الشاب العشريني فادي وكأننا في حمام السوق أو مقهى شعبي ، فادي هل أضع لها لصاقة خضراء ، رد فادي الجالس بجانب زميلته التي كان يعلمها كيفية استخدام هاتفها المحمول الذي يبدو جديداً ، ردَّ من الغرفة الثانية ( حط لها ) .
    المهم بعد وضع اللصاقة الخضراء وإعطاء عمي أبو تامر ثمن الكفن ، طلعت إلى الطابق الثاني إلى الموظفة الأولى الثلاثينية ، وقلت لها مشي الحال جبنا الموافقة وصار الكتاب جاهز .
    فقالت لي بكل أدب اذهبي إلى الشاب هناك ودلت بإصبعها .
    فذهبت حيث دلت وكررت ما قلته عدة مرات ، أريد إرسال الكتاب خارج القطر ، انظر الموافقة عليه وأصبح جاهزاً ، فطلب مني كتابة العنوان على الكيس ، وبعد ذلك طلب هويتي للتأكد من المعلومات ولكتابة وصل الإيداع ، وما لفت نظره هو اللصاقة الخضراء فسألني من وضع هذه هنا قلت له : أبي تامر، فنزعها بعصبية وقال ، هذه للهدايا وليس للمطبوعات ، فخلع اللصاقة الخضراء ووضع عوضاً عنها لصاقة بيضاء جميلة عليها رقم وجهة المصدر ، وأعطاني الوصل ، وهذا ما يثبت بأن العملية قد انتهت ، ونهاري بمديرية البريد قد انتهى أيضاً ، وتمَّ بحمد الله إرسال الكتاب .
    ولكن ما زال قلبي على الكتاب خشية تسرب الماء أو أي عارض آخر قد يلم به ، فأتمنى وصوله ليد صاحبه بخير وسلامة .
    عذراً صديقي كان بودي أن أرسل لكَ الكتاب بصندوق تزينه المجوهرات ليليق بكَ وبمكانتكَ ولكن هكذا نحن وهكذا نكفن موتانا .
    **********
    وإلى اللقاء مع يوم آخر في مؤسسة أخرى .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 4:42 pm