sama-reed

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
sama-reed

موقع خاص بقراءات وكتابات الشاعرة السورية ريد السباعي


    الشرمولة ( رواية )

    ريد السباعي
    ريد السباعي
    Admin


    المساهمات : 69
    تاريخ التسجيل : 24/02/2009

    الشرمولة ( رواية ) Empty الشرمولة ( رواية )

    مُساهمة  ريد السباعي الأحد أبريل 05, 2009 9:49 pm

    مرة ثانية أعود لأتكلم عن هذا الكاتب الذي يسحرني بفوضاه وفضاءه .
    محمد الأصفر ليس بالكاتب العادي إنه كسر العُرف التقليدي للرواية ، فروايته ليست تقليدية إنها فوضى الحياة وصخب الوجود ، إنها محمد الأصفر ذاته ، فهو لا يبتكر شخصياته أو يخترعها إن شخوص روايته جاهزة دائماً ، إنها نحن ، فهي تأكل وتشرب وتعيش بيننا ، وأبداً هو البطل الرئيس الذي لا يغيب عن روايته ، وكما قال هو في شرمولته : ( الإبداع أن تأتي الأشياء دون قصد ) .
    فرواياته تتوالى كالنهر المتدفق دون قصدٍ أو ترتيب لتجد المجرى المناسب الذي يستحوذ على العقل والقلب معاً .
    يبدأ الأصفر روايته بتعريف الشرمولة فيقول : " ورد في لسان العرب لابن منظور أن كلمة شرمولة لفظة عربية محرَّفة عن كلمة ثرمولة والتي تعني ثرمل الشيء أي أعده على عجل ولم ينضجه " .
    والشرمولة كما يعرفها ابن الأصفر : " قوت البسطاء ، أكلة المصطافين على شواطئ الفرح ، أكلة فوَّاحة طازجة ، طماطم ، فلفل ، خيار ، بصل ، ثوم ، ملح مع زيت ذرة أو زيتون ..... وأرغفة ساخنة يغمسونها في الشرمولة ويكون الأمر مبحبحاً بهيجاً إن كانت أرغفة تنور " .
    وبعد ذلك تبدأ شرمولة محمد الأصفر الخاصة ، أشخاص وأمكنة ، أسماء وأرواح تدخل الشرمولة وتغادرها ، وقد تبقى ماكثة على أوراق الشرمولة حتى نهايتها .
    وأول من يطالعنا في الشرمولة المطرب الشعبي عبد الجليل عبد القادر هذا الرجل الذي لم يُرزق بالأطفال ولكن كل من غنى لهم في أعراسهم هم أولاده ، في السبعينات لعب كرة القدم وترأس فريق الحرية الشهير وكان مدرباً لأشبال فريق المحيشي ، " اليوم عبد الجليل مُقعد على كرسي لكنه يمشي يجري ، يلوّح بيديه ، بروحه ، بقلبه " .
    ثم ينتقل للحديث عن مقهى عين الغزالة ملتقى الأدباء والمثقفين ، ومكان ملتقاه مع مريم ، مريم هذه الحبيبة التي تتقن أدبيات الحب عن بُعد بلا لمس ولا قبلة ، حبٌ ناشف ، وهذا الحب الناشف لا يروي ظمآن ولا يُشفي عليل .
    ثم يتحدث عن الشاعر صالح قادربوه وانتخابات رابطة الأدباء والكتاب ، وترشيح كلٍ من قادربوه والكاتب زعبور لرئاسة الرابطة .
    وتتعدد الشخصيات وتتوالى فيحدثنا عن عبد نفسه ، وابي أصبع ، عن زيارته للمغرب ، عن محمد شكري الذي أتقاسم مع محمد الأصفر احترامه ، فمحمد شكري كاتب لا يمكن أن يمر في الذاكرة دون أن يترك في الروح بصمة وفي القلب احترام وتقدير لا يزول .
    وفي المغرب مدن وذكريات وأصدقاء وشعراء ، وعلى رأسهم الشاعر الصوفي محمد المزوغي .
    ثم ينتقل للحديث عن عز الدين هذا " الشاب الطويل ذو الخطوة الواسعة ذو الوجه الخمري الناتئ عظام الخدين ذو العيون الغائرة " ، يتحدث عن عز الدين بطريقة مذهلة رائعة ، عز الدين هذا المثقف البسيط الذي يُطرد من عمله في الصحراء من أجل سهرةٍ قضاها مع المذياع جعلته يتأخر في الاستيقاظ صباحاً فاستبدلوه بعاملٍ مصري .
    عز الدين يرمز للمثقف المقهور في زمن العملة والمال .
    وبعد الانتهاء من الشرمولة يفرد عدة صفحات للحديث عن سوق الجمعة ، وصفحات أخرى خاصة جداً يمكن اعتبارها كمنكهات طبيعية للشرمولة وهي حديثه عن زوجته آمال العيادي ورحلة المخاض والولادة التي سبقت قدوم مهجة ، مهجة التي " صرخاتها تتنغم ، تستحيل فراشات ضوئية ، تنير غبار عقلكَ بريحٍ عطرة " .
    شخصيات الشرمولة غزيرة ، ثرة ، وقوية ، كلٌ في مكانه وفي متكأه الذي أعده له محمد الأصفر .
    لم يأتِ اسم الرواية عبثاً فهي حقاً شرمولة فهي مزيج من أحداث وشخصيات خُلِطَت وهُرِسَت حتى منحتنا رواية بمذاقٍ خاص تنمُّ عن كاتبٍ خاص .
    محمد الأصفر يؤرخ لنوعٍ أدبي جديد ، لرواية عربية جديدة لا قواعد لها ولا أسس معينة ، فالرواية كما يُعرفها قائلاً : " الرواية ليس لها أي شروط ، كلمات مهلهلة على الورق ، بصيرة القارئ تلملم أطرافها وتجعل منها رؤية جميلة على مقاسها " .
    ومن الصعب أن يقرأ المرء محمد الأصفر دون أن تجد الابتسامة طريقاً إلى شفتيه ، فتلك الروح الحرة الجميلة البسيطة المرحة هي التي تُحلق فوق الكلمات لتخلق نسيج روائي قمة في الروعة والاتقان .
    إن روايات محمد الأصفر بحق هي روايات الواقع بكل تناقضاته وسلبياته وإيجابياته إن وُجِدت .
    محمد الأصفر كاتب ليبي قادم من قلب ليبيا ليخاطب قلوبنا في سوريا بشفافية بالغة وتلقائية تبلغ حدَّ التوحد مع القارئ .، فمهما كان القارئ بعيداً لا بد من أن ينتابه شعور أنه هو والأصفر أصدقاء منذ زمنٍ بعيد ، منذ الزمن الذي ولدت فيه الكلمة وجاء الأمر بأن اقرأ .
    ولا أخفي القراء سراً أني بحثت عن روايات الأصفر كثيراً في مدينتي حمص ويوم وجدت ثلاث روايات له في أحد معارض الكتاب كان يوم فرح بالنسبة لي ، فها هي رواياته معي وقلمه معي وسيشاطرني ساعات القراءة ، فشكراً محمد الأصفر لأنكَ تمنحنا شهد الكلمات .
    بقي أن نقول أن الرواية من إصدار دار الحوار في اللاذقية بطبعةٍ أولى للدار لعام 2008 .
    وهي مهداة إلى ابنته مهجة .
    Like a Star @ heaven Like a Star @ heaven Like a Star @ heaven Like a Star @ heaven
    كلمة حق لا بد منها :
    أشكر صديقي زياد العيساوي لأنه كان صاحب الفضل في تعرفي على أدب محمد الأصفر ومن ثم تعرفي عليه شخصياً .
    Like a Star @ heaven Like a Star @ heaven Like a Star @ heaven Like a Star @ heaven

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 4:42 pm