sama-reed

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
sama-reed

موقع خاص بقراءات وكتابات الشاعرة السورية ريد السباعي


    سرة الكون ( رواية ) .

    ريد السباعي
    ريد السباعي
    Admin


    المساهمات : 69
    تاريخ التسجيل : 24/02/2009

    سرة الكون ( رواية ) . Empty سرة الكون ( رواية ) .

    مُساهمة  ريد السباعي الأحد أبريل 05, 2009 10:04 pm


    لا أعرف كيف سأبدأ حديثي عن محمد الأصفر وروايته سرة الكون ، فحينما يقرأ المرء رواية لكاتب مُعجب به سلفاً كيف ستكون الرؤية ؟؟؟
    هذا هو شأني مع محمد الأصفر بعدما تعرفت عليه قرأت سرة الكون ، تعرفت على بساطته وتواضعه تعرفت على تلك الشخصية الثائرة التي لا تقبل بأنصاف الحلول ، فكيف سأكتب عنه لا أعرف !!
    سأحاول أن أكون موضوعية في حديثي ، وأتحدث بتجرد عنه ، وسأبتعد قدر الإمكان عن تأثير إعجابي به ، فهل أستطيع ؟؟؟؟
    من الصعب أن تقرأ محمد الأصفر دون أن تقف أمام هذا الكاتب وقفة مطولة لتغوص في فكره وتسبر أغوار ذاته .
    محمد الأصفر هذا الروائي الثائر ، المتمرد ، المشاكس لا يمكن أن تقرأه سريعاً ، فعلى قارئه التريث وإعادة قراءة الصفحة ذاتها مراتٍ ومرات حتى يصل لفهم وهضم ما أراده محمد الأصفر وما أراد أن يقوله .
    محمد الأصفر روائي نشط من ليبيا الحبيبة ، من مواليد بنغازي 1960 ، بدأ الكتابة عام 1999 ، له من الروايات :
    المداسة إصدار عام 2003 .
    تقودني نجمة إصدار عام 2004 .
    نواح الريق إصدار عام 2004 .
    شرمولة إصدار عام 2007 .
    ومجموعة قصصية تحت عنوان حجر رشيد إصدار عام 2003 .
    واليوم تبنت دار الحوار في اللاذقية نشر رواياته .
    أما روايته التي سنتحدث عنها هي سرة الكون التي لا يمكن أن تُقرأ على عجل إنها تطلب من قارئها التمهل والوقوف عند كل عطفة وركن من أركانها .
    تنقسم سرة الكون إلى جزأين : الجزء الأول حمل عنوان الطريق إلى غريكو ، الجزء الثاني حمل عنوان مهجة .
    حينما بدأت بقراءة سرة الكون انتابني إحساس أني أجالس كاتبها في مقهى شعبي في إحدى الحارات القديمة ، على طاولة وسط المقهى ونشرب كوباً من الشاي المخمَّر ، في ليبيا في سوريا لا فرق ولا يهم المكان ، المهم هناك مقهى وحارة وكوب شاي ، وبوح عفوي وشفاف ، وحكايات تتوالى عن ليبيا ، تاريخ ليبيا ، وشعب ليبيا الطيب ، عن آمال زوجته ، عن ابنته ، عن بنغازي ، عن السلفيوم كنز ليبيا ، عن بهية الليبية المصرية ، عن تانيت وعن وعن وعن ............
    يتحدث عن ليبيا سرة الكون التي منها البداية وفيها النهاية ، ليبيا الأبية التي قاومت الطليان ، فقهرتهم وردتهم إلى بلادهم مجللين بالخيبة والهزيمة .
    في روايته وصف دقيق لشوارع بنغازي حتى يكاد القارئ يشعر بأنه جاور هذه الأماكن الجميلة بعض عمر ، جاور مساجدها وزنقاتها وتعرجاتها .
    وفي طيات كلماته لا يغفل محمد الأصفر أن يذكر أدباء سجلوا أعمالهم على جدار الحياة ، أمثال محمد شكري ، جان جنيه ، باولو كويلهو ، امبرتو إيكو ، وغيرهم كثير ، فروايته بحق تُعتبر مرجع أدبي هام .
    وكما يعرض في ثنايا رواياته لأعمال غيره ، يعرض لأعماله أيضاً فيحدثنا عن روايته نواح الريق ، وتقودني نجمة ، والشرمولة ويوضح هذه الفكرة من خلال قوله على لسان مورينا حبيبته ( في رواياتكَ دائماً ثمة آخرون حقيقيون ، صفاتهم ، أعمالهم ، أقوالهم ، أسماؤهم ، تمر عليهم بخفة موحية ، وتجلبهم إلينا بمحبة ، حتى الذين لا نحبهم نستطيع عبر مصفاة كتابتكَ أن نغفر لهم ، أيضاً القصص القصيرة التي تكتبها سابقاً ثم تجد لها وبمهارة أغبطكَ عليها مكاناً في الرواية خاصةً قصة المأنوس الذي لم يقبض الفلوس ) .
    فقصصه الخاصة المنشورة أو غير المنشورة تجد مكاناً لتندس فيه بدفء بين طيات الرواية على سبيل المثال قصته أنفاس دافئة التي وردت في الجزء الثاني من الرواية .
    كما قلنا سابقاً الرواية منقسمة إلى جزأين : الجزء الأول يتحدث فيه عن السلفيوم : ( إنها رائحة الأبدية ، رائحة السلفيوم ، بترول قوريني أنذاك ، ثروة باتوس الغالية ، ثروة ليبيا البكر المسروقة في الزمن المباح ) .
    ويتحدث عن بيت شباب مقر اقامته في زمنِ ما .
    وفي الجزء الثاني يتحدث عن مورينا حبيبته ، عن مهجة ابنته المفترض إنجابها من مورينا ، يتحدث عن الظفر فيقول : ( في كل دقيقة الأظافر تتقلم والناس تموت كما الأظافر من جهة المقدمة والناس تولد كما الأظافر من جهة الجذر ........... الحياة قلّامة والأظافر حياة والأظافر حركة الحياة ) .
    وتحدث عن الكحل ونشأة الكحل وقيمة الكحل واستعان بحديثه عنه بنص لابن القيّم من كتابه زاد المعاد : ( إثمد هو حجر الكحل الأسود ، يُؤتى به من أصبهان ، وهو أفضله ، ويُؤتى به من جهة المغرب أيضاً ، وأجوده السريع التفتيت الذي لفتاته بصيص ، وداخله أملس ليس فيه شئ من الأوساخ ومزاجه بارد يابس ، ينفع العين ويقويها ، ويشد أعصابها ويحفظ صحتها ....... ) .
    ويعتمد الأصفر في سرد أفكاره على الشعر ، فتأتي القصيدة دائماً لتفسر فكرةٍ ما أراد الوصول إليها أو إيصال شيء من خلالها .
    ومن الشعر الذي ورد في الرواية :
    أنتِ أبعد من كل شيء متخيل .
    أنتِ خميرة الخيال الأزلية .
    وأرجوحة الأحلام في حدائق أمانينا .
    وذبالة الشروق الدائمة .
    أنتِ خيال لا يتخيل وواقع لا يقع في الأزمان الثلاثة ولا المليون .
    أنا لا أبالغ ، هكذا أشعر بكِ .
    ولو لم يكن شعوري كل يوم أقوى من هكذا لذبحته .
    لن أحتفظ بشعور لا يجلَّكِ إطلاقاً .. إطلاقاً .
    أحياناً يتلاعب محمد الأصفر باللغة والألفاظ لخدمة نصه وفكرته التي يريد قولها ، ولا تخلو سرة الكون من بعض الغريب من اللفظ ، والسبب هو استخدامه للهجة الليبيبة التي تغيب بعض كلماتها عنّا نحن في المشرق العربي ، وتتناثر هنا وهناك بعض البذيء من الكلمات ، فكاتبنا يبوح لقارئه بمكنونات نفسه ، يحادثه كأنه جزء لا ينفصل منه ، فلهذا جاءت كلماته عفوية .
    وما يلاحظ أيضاً كثرة الرمز في الرواية ، فالظفر رمز ، السرة رمز وغيرها كثير .
    في الرواية من العمق الفلسفي ما فيها ، وفيها من البوح الشجي ما فيها .
    محمد الأصفر لا يقبل إلا أن يكون ذاته ، وروايته هذه هي ذاته ، يقول في بداية الرواية : ( رواية تائهة كالكرة الأرضية لأن لا أحد يعرف شيئاً عن مصيرها ، حتى الكاتب نفسه ) .
    رواية سرة الكون رواية أقل ما يُقال عنها أنها ساحرة .
    وفي ختام حديثي عن سرة الكون أترككم مع رأي للشاعر سالم العوكلي أورده الأصفر في ختام روايته :
    ( هذه الرواية تستفزك من جملتها الأولى.. تتشاجر معها وتلعن ديكها فتلعن ديكك.. تُضحكك وتبصق في وجهك، توشوش في أذنك نكتة بذيئة ثم تصفعك وأنت تضحك.. يدخلها كاتبها وهو لا يعرف شيئاً عنها، حيث الكتابة وسيلة للمعرفة وليس العكس.. يدخلها القارئ متوجساً أن يجد اسمه فيها، وخائفاً أن يتيه فيها إذ يتيه بها، القارئ الذي يدعي المعرفة المتعالية عن نص يتشكل بين يديه سيتعب كثيراً ويكابد هذا التداعي الذي يهدد نرجسيته، وسيقابل كثيراً من الشتائم الموجهة إليه مسبقاً، بإمكان أي قارئ أن يكون أحد شخصيات الرواية حسب موقفه منها.. رواية حدسية لا تحكمها رقابة تقليدية أو محدثة، تحتاج لأجل ذلك إلى مساحة شاسعة من التسامح في فعل القراءة ولكثير من تجاوز الذائقة المألوفة، كاتبها كما يقال ( الّي في قلبه على لسانه) أو بالأحرى الذي في قلبه على رأس قلمه.. يكتب ما يفكر فيه ولا يفكر في ما يكتب.. الرجل هو روايته والرواية هي الرجل، لا يمكن أن تفصل بين الأصفر وكتابته.. نصه مستنسخ عنه، يمشي كمشيته مترنحاً.. دائماً يتصبب بالعرق.. نص ثقيل السمع يحكي ولا يسمع.. سخي، دائم الترحال ومحير.. النص فاضح بكشافه المسلط على حياتنا السرية وشوارعنا الخلفية وذواتنا المهمشة، مسلط بقسوة على عتمة هذا المكان التي فيها نمارس كل متعاتنا المحظورة، حيث الحياة تتدبر نفسها في الظلام والزوايا المهجورة لتلقي بنا مع شروق الشمس في كوابيس النهار.. فاضح إذ الفضيحة وجه آخر للمعرفة، من نسيج الحياة ومرادف للحرية، وللذات المتعدية بتاريخها كله على اتفاق الجماعة المؤدلج.. الرواية كما يؤكد كونديرا شرطها الأخلاقي الوحيد هو المعرفة ويكفيها هنا أنها قالت ما لا يقال بغير الرواية، أو كما يقول الأصفر ضمنها: السراب دليلها، وكما قال في البداية: لو كانت السماء دروباً لتاهت العصافير... فتنحوا أيها الأساتذة و دعونا نسمع العصفور ) .
    بقي أن نشير أن الرواية صادرة عن دار الانتشار العربي ..
    في لبنان بطبعتها الأولى لعام 2006 .
    Like a Star @ heaven Like a Star @ heaven Like a Star @ heaven Like a Star @ heaven

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 6:19 pm